الكناية
الأمثلة :
1. تقول العرب : فلانة بعيدة مهوى القرط .
2. قالت الخنساء (1) في أخيها صخر :
طويل النجاد رفيع العماد كثير الرمــاد إذا مـا شتا . (2)
* * *
3. وقال آخر في فضل دار العلوم في إحياء لغة العرب :
وجدت فيك بنت عدنان داراً ذكـريها بداوة الأعــراب.
4. وقال آخر :
الضـاربين بكل أبيض مخدم والطـاعنين مجامع الأضغان .(3)
* * *
5. المجــد بين ثوبيــــك والكــرم ملء برديــك .
البحث :
مهوى القرط المسافة من شحمة الأذن إلي الكتف . وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أن يكون العنق طويلاً ، فكأن العربي بدل أن يقول : "أن هذه المرأة طويلة الجيد " نفحنا بتعبير جديد يفيد اتصافها بهذه الصفة .
وفي المثال الثاني تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد . تريد أن تدل بهذه التراكيب علي أنه شجاع ، عظيم في قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلي الإشارة إليها والكناية عبها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، ثم أنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة في قومه وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرة حرق الحطب ،ثم كثرة الطبخ ، ثم كثرة الضيوف ، ثم الكرم ، ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهي بعيدة مهوى القرط ، وطويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كُني به عن صفة لازمه ، لمعناه ، كان كل تركيب من هذه وما يشبهه كناية عن صفة وفي المثال الثالث أراد الشاعر أن يقول : إن اللغة العربية وجدت فيك أيتها المدرسة مكاناً يذكرها بعهد دواتها .فعدل عن التصريح باسم اللغة العربية إلي تركيب يشير إليها ويعد كناية عنها وهو " بنت عدنان "
وفي المثال الرابع أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير بالقلوب غلي ما هو أملح وأوقع في النفس وهو " مجامع الأطغان " ، لأن القلوب تفهم منه إذ هي مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها .
وإذا تأملت هذين التركيبين وهما : " بنت عدنان " ، " مجامع الأطغان " رأيت أن كلاً منهما كُني به عن ذات لازمة لمعناه ، لذلك كان كل منهم كناية عن موصوف وكذلك كل تركيب يماثلها .
أما في المثال الأخير فإنك أردت أن تنسب المجد والكرم إلي من تخاطبه ، فعدلت عن نسبيهما إلي ما له أتصال به ، وهو الثوبان والبردان ‘ ويسمي هذا المثال وما يشبهه كناية عن نسبة . وأظهر علامة لهذه الكناية أن يصرح فيها بالصفة كما رأيت ، أو ربما يستلزم الصفة ، نحو : في ثوبيه أسد ، فإن هذا النثال كناية عن نسبة الشجاعة .
وإذا رجعت إلي أمثلة الكناية السابقة رأيت أن كل منها ما يجوز فيه إرادة المعني الحقيقي الذي يفهم من صريح اللفظ ومنها مالا يجوز فيه ذلك .
القواعد :
(26) الكناية لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعني .
(27) تنقسم الكناية باعتبار المكني عنه ثلاثة أقسام ، فإن المكني عنه قد يكون صفةً، وقد يكون موصوفاً ، وقد يكون نسبة . (1)
نموذج
1. قال المتنبي في وقيعة سيف الدولة ببني كلاب :
فمساهم وبسطهم حرير وصحبهم وبسطهم تراب (2)
ومن في كفه منهم قناة كمن في كفه منهم خضاب
2. وقال في مدح كافور :
أن قي ثوبك الذي المجد فيه لضياء يزري بكل ضياء (3)
الإجابة
1- كني بكون بسطهم حريراً عن سيادتهم وعزتهم ،2- وبكون بسطهم تراباً عن حاجتهم وذلهم ،3- فالكناية في التركيبين عن الصفة .
4- وكني بمن يحمل قناة عن الرجل ،5- وبمن في كفه خضاب عن المرأة وقال إنهما سواء في الضعف أمام سطوة سيف الدولة وبطشه ،6- فكلتا الكنايتين كناية عن موصوف .
7- أراد أن يثبت المجد لكافور فيرك التصريح بهذا وأثبته لما له تعلق بكافور وهو الثوب ،8- فالكناية عن نسبة .
تمرينات
(1)
بين الصفة التي تلزم من كل كناية من الكنايات الآتية :
(1) نئوم الضحا . (2) ألقي فلان عصاه .
(3) ناعمة الكفين . (4) قرع فلان سنه .
(5) يشار إليه بالبنان . (6) "فأصبح يقلب كفيه علي ما أنفق فيها وهي خاوية " .
(7) ركب جناحي نعامة . (
لوت الليالي كفه علي العصا .
(9) قال المتنبي في وصف فرسه :
وأصـرع أي الوحـش قفيته به وأنـزل عنه مثله حين أركـب (1)
(10) فلان لا يضع العصا علي عاتقه .
(2)
بين الموصوف المقصود بكل كناية من الكنايات الآتية :
(1) قوم تري أرماحهم يوم الوغي مشغوفة بمواطن الكتمان
(2) وقال تعالي : " أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين (2) " .
(3) كان المنصور (3) في بستان في أيام محاربته إبراهيم بن عبد الله بن الحسن (4) ونظر إلي شجرة خلاف (5)
فقال للربيع (1) . ما هذه الشجرة ؟ . فقال . طاعة يا أمير المؤمنين !
(4) مر رجل في صحن دار الرشيد ومعه حزمة خيرزان ، فقال الرشيد للفضل بن الربيع (2) : ما ذاك ؟ فقال عروق الرماح يا أمير المؤمنين ، وكره أن يقول . الخيرازان ، لموافقة ذلك لاسم أم الرشيد .
(5) قال أبو نواس (3) في الخمر :
ولما شربناها ودب دبيبها إلي موطن الأسرار قلت لها قفي .
(6) وقال المعرى في السيف :
سليل النار دق ورق حتى كأن أبـاه أورثـه السـلالا (4)
(7) كبرت سن فلان وجاءه النذير .
(
سئل أعرابي عن سبب اشتعال شيبه ، فقال . هذا رغوة الشباب .
(9) وسئل آخر ، فقال . هذا غبار وقائع الدهر .
(10) يروى أن الحجاج قال للغضبان بن القبعثري : لأحملنك علي الأدهم (5) ، فقال : مثل الأمير تحمل علي الأدهم والأشهب ، قال إنه الحديد ، قال . لأن يكون حديداً خير من أن يكون بليداً .
(3)
بين النسبة التي تلزم كل كناية من الكنايات الآتية :
(1) إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت علي ابن الحشرج (6) .
(2) قال أعرابي : دخلت البصرة فإذا ثياب أحرار علي أجساد العبيد .
(3) وقال الشاعر :
اليمـن يتبـع ظلـه والمجد يمشي في ركابه (1)
(4)
بين أنواع الكنايات الآتية وعين لازم معني كل منها :
(1) مدح أعرابي خطيباً فقال : كان بليل الريق قليل الحركات . (2)
(2) وقال يزيد بن الحكم (3) في مدح المهلب (4) .
أصبح في قيدك السماحة والمجـ ـد وفضل الصلاح والحسب .
(3) وتقول العرب : فلان رحب (5) الذراع ، نقي الثوب ، طاهر الإزار ، سليم دواعي الصدر (6) .
(4) وقال البحتري يصف قتله ذئباً :
فأتبعتها أخري فأضللت نصلها بحيث يكون اللب والرعب والحقد (7)
(5) وقال آخر في رثاء من مات بعلة في صدره :
ودبت في موطـن الحلم عـلة لها كالصـلال الرقش شر دبيب (
(6) ووصف أعرابي امرأة فقال : ترخي ذيلها علي عرقوبي ناعمة .
(5)
بين نوع الكنايات الآتية ، وبين منها ما يصح فيه إرادة المعني المفهوم من صريح اللفظ . وما لا يصح :
(1)وصف أعرابي رجلاً بسوء العشرة فقال :
كان إذا رآني قرب من حاجبٍ حاجباً .
(2) قال أبو نواس في المديح :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
(3) وتكني العرب عمن يجاهر غيره بالعداوة بقولهم :
لبس له جلد النمر ، وجلد الأرقم (1) ، وقلب له ظهر المجن (2) .
(4) فلان عريض الوساد (3) ، أغم القفا (4) .
(5) قال الشاعر :
تجول خلاخيل النساء ولا أري لرملة خلخالاً يجول ولا قلناً (5)
(6) وتقول العرب في المديح : الكرم في أثناء حلته ، ويقولون فلان نفخ شدقيه ، أي تكبر ، وورم أنفه إذا غضب .
(7) قالت أعرابي لبعض الولاة : أشكو إليك قلة الجرزان (6) .
(
وقال الشاعر :
بيض المطابخ لا تشكو إماؤهم طبخ القدور ولا غسل المناديل .
(9) وقال آخر
مطبخ داود في نظافته أشــبه شئ بعرش بلقيس (7)
ثياب طباخه غذ اتسخت أنقـي بياضاً من القراطيس
(10) وقال آخر :
فتي مختصــر الــأكو ل والمشـرب والعطــر
نقي الكــأس والقصعـ ـة والمنـديـل والقـدر
(6)
اشرح البيت الآتي وبين الكناية التي به :
فلسنا علي الأعقاب تدمي كلومنا ولكن علي أقدامنا تقطر الدما (